الدجال واللبيب من طرف
أبوأحمد في الثلاثاء 29 نوفمبر 2011, 2:30 am
يحكى أن رجلا دجالاً تخفى بصورة رجل صالح زاهد تقي ليخدع أهل قرية نزل فيها ليسرقهم وينصب عليهم وبالفعل نجح هذا الدجال في خداع أهل هذه القرية البسطاء بحسن حديثه وما تظاهر به من عفة نفس فبنو له بيتا بجانب مسجد القرية وعينوه إمام وخطيبا بها وأصبحوا يعتقدون به.
وذات يوم مر بالقرية رجل عالم وصادف مروره وقت أحد الصلوات فذهب إلى المسجد وبعد أن أقيمت الصلاة دخل الشيخ المبجل بلحيته الطويلة وسمته المهيب وخطاه الثقيلة التي تدل على رجل يحسب حتى خطاه ورعا وزهدا فهرع المصلون إلى الشيخ كلٌ يريد أن يحظى ببركة تقبيل يديه فوقف هذا الرجل العالم يراقب عن كثب ما يحصل فتقدم هذا الشيخ الجليل وكبر تكبيرة الإحرام وبدأ بقراءة الفاتحة بلحن جلي وعدم تمكن فسكت هنيهة وأخذ يقرأ سورة الفيل بتحريف للآيات فرده الرجل العالم فلم ينصت إليه فأعادها مررا وفي كل مرة يرد عليه هذا العالم فما أن انتهت الصلاة حتى قام هذا العالم وأصبح يعنف هذا الدجال ويقول له أنت محرف للقران الكريم كيف نصبوك إماماً وأنت لا تجيد حتى قراءة الفاتحة زيادة على تحريفك لسور القرآن.
فطأطأ هذا الدجال رأسه وأخذ يستغفر الله ويقول لهذا العالم أذهب سامحك الله يا بني، فاستشاط غضب المصلين من هذا المتجرأ على مقام من يظنونه وليا، وآخذو بضربه ورميه خارج المسجد متوعدين بالقتل إن هو دخل المسجد مرة أخرى فحمل هذا العالم المسكين رحله وولى وقلبه يتقطع حزنا على حال هؤلاء المساكين فصادفه بالطريق رجل لبيب أذهب جل شيبه التجريب، فأخذ يسأله عما حصل له لما رأى من حال هذا العالم وملابسه التي مزقت ولحيته التي بعثرت فحكى له ما حصل معه والدموع تهراق من عينيه فضحك هذا الرجل اللبيب ضحكة عالية وقال للعالم هون عليك يا شيخ فليس هكذا تحل الأمور فأنت قد أسأت التصرف بفعلك هذا فرد عليه العالم متعجبا : وكيف ذاك!
فقال له الرجل اللبيب: كيف تذم رجلا الكل من حوله يقدسونه ويمجدونه ويعتقدون به وبولايته وكراماته!!
فقال له العالم : كيف العمل إذا؟
قال له الرجل اللبيب : أنظِرني إلى يوم الجمعة حيث المسجد يكون مكتظاً بالمصلين القادمين من كل القرى وسأريك ما سأفعل بهذا الدجال.
وفعلا جاء يوم الجمعة والتقى الرجلان على أمر قد قدر بعد أن تخفى العالم وتنكر لكي لا يعرفه أحد واحتل الرجل اللبيب مكانا خلف الإمام والعالم عن يمين الصف الأول في الزاوية لكي لا يشعر به أحد وبعد أن انتهت الصلاة هجم الرجل اللبيب على الإمام يقبل يدية ورجليه ويبكي بحرقة ويقول : يا مولانا قد من الله على والدتي بالشفاء ببركة شعرة لحيتك التي أخذتها منك عندما كنت تحلق عند الحلاق فهلا سمحت لي يا سيدي أن أحظى بشعرة ثانية من هذه اللحية المباركة فمد يده ونتف شعرة من لحية هذا الدجال وولى هاربا من المسجد فرحا مبتهجا بهذه الغنيمة المباركة.
فوقف المصلون يكبرون حتى أرتجت أركان المسجد بالتكبير ولا يدرون أن أركان هذا الدجال قد تخلخلت من شدة الخوف فطفق الكل ينتف لحية هذا الدجال ليتبارك بها حتى تكاثروا عليه ونتفوا لحيته، فخرج من المسجد بلا لحية حتى تكاثر عليه الذين بالخارج لينالوا من بركة لحيته ولكن الذين بالداخل لم يؤثروا إخوانهم الذين بالخارج فنتفوا كل شعر لحيته، فصاح الرجل اللبيب من خلفهم خذوا من شعر حاجبية فما علا كان أبرك حتى نتفوا شعر حاجبيه ورأسه فأصبح كالدجاجة التي تنتف من ريشها بعد السلق وخرج من القرية يسب ويلعن هؤلاء الجهلة الذين خدعهم طول هذه السنين.